قضايا رمضانية في المغرب


قضايا رمضانية في المغرب
   سلسلة مقالات  كتبها ذ. الكبير الداديسي
Eddadissi2002@gmail.com

كلما هل  شهر رمضان يكثر القيل والقال  حول فوائد الصوم ،ومقاصد الصوم . وتتعدد أوجه مقاربة تفاعل المسلم مع هذا الشهر الفضيل ؛ فنجد الطبيب يتحدث عن الأمراض والصوم ، والأنتروبولوجي يركز على العادات والتقاليد التي تصاحب هذا الشهر ، والرياضي يتناول قضية الرياضة والصوم ، ورجل الدين يعالج العبادة ، قراءة القرآن ..في شهر رمضان ....
ونحن في هذه  السلسة من المقالات  سنترك التخصص لأهله ووسنحاول مقاربة  بعض القضايا والظواهر التي تميز رمضان في المغرب و تعم المجتمع المغربي خلال الشهر الفضيل والتي لا تحتاج لأي تخصص لتدركها العين : فكما تعج المساجد بالمصلين والمقاهي بالزبناء ، والأسواق بسلع خاصة بالمناسبة ...  يعج المجتمع بظواهر تحتاج للدراسة للمناقشة لك في هذا الجزء الأول بعض هذه القضايا الاجتماعية

الزمن المهدور في رمضان

 في كل سنة تطالعنا  وزارة تحديث القطاعات العامة  أو أية وزارة وصية على الإدارة  ببلاغات تعلن قيها ((أن مواقيت العمل بالإدارات العمومية والجماعات المحلية ،ستتغير خلال شهر رمضان المبارك، وذلك باعتماد توقيت مسترسل للعمل من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثالثة بعد الزوال (.وهو بلاغ يحدد فترة العمل في رمضان في ست ساعات في اليوم بدل ثماني ساعات في الأشهر العادية أي 30 ساعة في الأسبوع بدل أربعين مما يعني ضياء  مايزيد عن 40 ساعة في الشهر وقد تتضاعف هذه المدة إذا أضيف إليها الزمن المهدور الناتج عن تأخير الموظفين في لالتحاق بالعمل ناهيك عما يهرده الموظفون من وقت في التحيات والتهاني والدردشات حول الشهر ومستجداته ومسلسلاته... وزيارات مكاتب الزملاء  ..، وقد يضيع بعض الوقت في الصلاة فمعظم الإدارات الحكومية والخاصة بها مساجد والمغاربة أكثر نزوعا للصلاة في شهر رمضان ينضاف إلى ذلك مغادرة الموظفين لعملهم  وخروجهم قبل الوقت الرسمي فكثير ما تَسأل عن موظف فيقال لك سيعود بعد حين ، وحتى إن وجد في مكتبه يكون له جواب واحد : (عد غدا هذا مجرد رمضان ) بل من موظفي الدولة من حول مكتبه مكانا للقيلولة والنوم خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة وطول السهر . مما  يعني أن نصف الشهر أو أكثر قد تعطل بمعنى آخر أن نصف الموظفين تقريبا قد حصلوا على أجورهم دون أن يفعلوا شيئا ، فشكلوا نوعا من البطالة المقنعة ، ويقضون هذا الشهر كالموظفين الأشباح وكل ذلك ليس إلا دليلا على التسيب الإداري وصيام الدولة في هذا الشهر ...
دون نسيان أن عددا من الموظفين فظلوا الذهاب في عمرة خلال هذا الشهر  فقد تجاوز عدد المغاربة المعتمرين هذه السنة 24 ألف معتمر سنة 2011 كلفت الخزينة  أزيد من 500 مليون درهم من العملة الصعبة ( منهم من سيقضي في الديار المقدسة حوالي 50 يوما ) فيهم عدد من الموظفين والعمرة ليست فرضا على المسلم بل أكثر من ذلك من الموظفين من اعتمر أكثر من مرة
فهل يسمح الإيمان والإسلام والصيام بخسارة نصف شهر عمل لجميع موظفي الدولة ؟؟
وهل البرهنة عن الإيمان يجب أن تكون بالصيام أم بالعمل ؟؟؟
إن العمل عبادة  ومن العار ان يسبب  صيام رمضان تعطيل أعمال ومصالح الناس الدنيوية العامة، وأن يخفض نسبة الإنتاج الوطني،ولعل هذا ما استغلته بعض الجهات التي تدعو للإفطار في رمضان  بحجة الحفاظ على مستوى الإنتاج أو بحجج أخرى
لا يتجادل اثنان حول الخلل الذي يقع في شهر رمضان بين الإنتاج والاستهلاك  (ارتفاع الاستهلاك وانخفاض الإنتاج ). لكن السؤال هو : هل الصيام حقاً يتعارض مع رفع الإنتاج والنهوض الاقتصادي الوطني؟ وهل الصوم فعلا هو المسؤول عن الزمن المهدور ؟؟
الحق أن ضعف  مستوى الإنتاج خلال شهر رمضان ليس مرد ه إلى الصيام، بل يعود  - في الواقع - إلى العادات والممارسات الخاطئة التي يمارسها كثير من الناس خلال هذا الشهر الكريم، ً فليست المشكلة في الصيام، وإنما في سلوك بعض الصائمين،وأكثر من ذلك فالصوم ورمضان يمكن أن يرتفع فيهما الإنتاج وتزداد المردودية فالصوم مثلاً يلغي وجبة غذائية - على الأقل - تقع في وقت العمل، وهذا يوفر وقتاً يمكن الإفادة منه لصالح الإنتاج، فضلاً عما يوفره من حجم الاستهلاك مما يتوجب معه الرفع في الإنتاج .كما يساهم الصوم  في التخلص من التدخين خلال  رمضان ولا يخفى على أحد  أن ممارسة التدخين أثناء العمل وفي غيره، فيه من ضياع الوقت ما فيه، فضلاً عما يسببه من ضعف جسدي ونفسي للمدخنين، أو ما يسببه من إتلاف صحي واقتصادي وبيئي، فالصوم في الواقع قد يقلل من كل هذه الأمور التي تعود بالنتائج السلبية على الفرد والمجتمع في آنٍ معاً. كما أن الصوم في مختلف الأحاديث النبوية والآيات القرآنية  يتعارض مع الكسل والخمول بل المفروض - إذا تم على حقيقته – أن يدفع صاحبه إلى الإخلاص والإتقان في العمل، والتخلي عن تضيع الأوقات في الأمور غير النافعة ، كما أن هذا شهر الشهر الكريم، شهر التكافل والتضامن والتآزر المفروض فيه أن يُنمِّي الإحساس بالفقراء ومعاناتهم، ما يدفع الصائم الحق إلى التكافل معهم، والأخذ بيدهم للرفع من مستواهم الاقتصادي، وهذا بدوره يؤدي إلى قيام نوع من التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين أفراد المجتمع    ولعل الإخلاص في العمل من أحسن مظاهر التكافل الاجتماعي فأن يسهل الموظف المسلم مهام الآخرين ويساعدهم على قضاء حوائجهم سيثبت أجر صومه ويعظمه عند الله . وبذلك قد يكون الصوم حافزا على البذل والعطاء وطاردا للكسل والخمول


ليالي رمضان بين الترويح  والتراويح

لرمضان في المغرب سلطته وعاداته وتقاليده وطقوسه مما يجعل من هذا الشهر شهرا متميزا ومتفردا عن باقي شهور السنة ، ولعل هذا التميز يكاد يتجلى في الليل أكثر من النهار ، فليالي رمضان تجمع بين النسك والعبادة من جهة وبين الفساد والدعارة من جهة ثانية ولهذا اخترنا لهذ المقال عنوان :( ليالي رمضان بين التراويح والترويح )
عدد كبير من المغاربة بعد ساعات الإفطار يخرجون لصلاة التراويح ، بعد أن قضوا سحابة يومهم صائمين يبحثون عن أجر الصيام وقيام الليل ويعودون لمنازلهم لمتابعة البرامج التلفزية مقتنعين أن أيام  رمضان تقتصر على أعمال  كالصوم والتبضع والصلاة وصلة الرحم ومتابعة برامج التلفاز وقراءة أو الاستماع للقرآن الكريم ، ويزداد الاقتناع بكون رمضان شهر الصوم والعبادة عندما يلاحظ المرء تلك الأفواج الهائلة التي تتقاطر على مختلف المساجد لأداء صلاة التراويح لدرجة أن معظم المساجد لا تقوى على استيعاب مرتاديها فتراهم يشكلون صفوفا خارج أسوار  المساجد بل كثيرا ما تغلق تلك الصفوف بعض الشوارع ...وكما تكتض المساجد ليلا في رمضان تكتض المقاهي ومجالس الطرب والسمر ، قد  يلاحظ  الكثير من الأسر في ليالي رمضان  خلق فضاءات للسهر والترويح وأخرى للعناء والطرب ولعب الكارطا والضامة  لكن ما لا يبدو للبعض هو  نشاط ظاهر يمكن تسمستها بظاهرة الدعارة الرمضانية فما المقصود بالدعارة ؟؟؟ وما خصوصيات دعارة رمضان ؟؟
الدعارة هي استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي إنها  ببساطة "بيع الخدمات الجنسية"، ويمكن التمييز فيها  بين الدعارة القسرية والدعارة الطوعية. والدعارة ظاهرة قديمة بقدم الإنسانية وإن ربطها البعض بالفقر. وقد استعملها آخرون بمعاني رمزية فتحدثوا عن الدعارة السياسية معتبرين  ممارسة أية مهنة أو التفوه بأية فكرة أو موقف سياسي من أجل المال فقط أو المنفعة والمصالح نوعا من الدعارة.
وحتى وإن تعالت بعض الأصوات هنا وهناك داعية إلى تقنين  الدعارة بين واعتبار( صنعة للجنس)  و (أقدم مهنة امتهنتها المرأة ) كباقي الصناعات  يجب تقنينها  وحماية المتعاطين لها من كل خطر صحي او اجتماعي واستثمار عائداتها المالية الضخمة فيما يعود بالنفع على الدول  فإن معظم القوانين والشرائع تحرم وتمنع الاتجار في لحوم البشر  كما أن الأعراف تقلل من شأن من يتعاطاها ....
صحيح  أن الدولة تعمل على منع بيع الخمر في هذا الشهر فتقفل  الحانات ومتاجر بيع الخمر  لكن مقابل ذلك تفتح آلاف المحلات للسهر فكثيرة هي المقاهي والكارجات والفضاءات التي حولت مجال للأغاني الشعبية والسهر تنقل عددا من زوارها من أجواء العبادة والنسك والتراويح  إلى  الترويح يستمر عملها حتى اقتراب موعد السحور ..كما أن العديد من الأمكنة تغدو مجالا خصبا للبغاء ..
أن المتردد على المقاهي ليلا برمضان سيلاحظ أن زبناءها من النساء في تزايد ، فيكفي أن تتسلل لأي مقهى لتلاحظ أنامل رقيقة تمسك بين السبابة والوسطى  سجائر في غنج .. وشفاة ناعمة تنفت الدخان في نخوة ، معظمهم في ريعان الشباب وأحيانا كثيرة فيهن قاصرات ...
موضوعنا اليوم ليس تدخين النساء في المقاهي لكن العديد من هؤلاء الفتيات يجلسن وحيدات او مع بعضهن البعض في انتظار قدوم ضحية تدفع ثمن المشروب وتٌستدرج للجنس ...
 بعد آذان المغرب وما أن تٌملأ البطون بالحريرة حتى يهرع العديد من النساء المغاربة إلى الشارع فترى الأسراب جيئة وذهاب في كل شارع منهن من تضرعت بالصلاة ومنهن من ادعت زيارة قريب أو صديق لكن عددا منهن يخرجن كل يوم ليبعن بعض ما بين أفخاذهن من حرارة  ...
إلى عهد قريب كان في كل مدينة حي خاص بالدعارة يقصده الشبان والعزاب يفرغون فيه بعض ما يؤرق بالهم ويطفون فيه بعضا من نار الشهوة المشتعلة في الأحشاء والجوانح  ... لكن مكوث بائعات الهوى في منازلهن وانتظار الزبون أو المناداة عليه من النافذة أو الجلوس في أبواب المنازل  بصدور  أو سيقان شبه مكشوف مع تلويك العلكة  .... أصبح تجارة كاسدة لا فائدة منها خاصة مع دخول جيل جديد من الفتيات منهن القاصرات ميدان التنافس ... لذلك أصبح الشارع محط تنافس بين مختلف الفئات من نساء الدعارة ..
ولعل ما يجعل الظاهرة لافتة للانتباه في رمضان هو خروجهن جميعا في وقت محدد ( من التاسعة إلى الحادية عشر) ومن فاتها الموعد فقد لا تظفر بأي غنيمة ...
تتعدد الأمكنة التي يقصدها بائعات الهوى حسب المستوى  الاجتماعي وحسب الضحايا المتربص بهم . لصاحبات الدرك الأسفل  أماكن معلومة غالبا ما تكون أزقة ضعيفة الإنارة أو خلف المحطات الطرقية أو قرب محطات القطار  أو محطات الحافلات  يكاد المرتادون على هذه الأمكنة يحفظون وجوههن وهن في الغالب بجلاليبهن ومن هن من تحمل خمارا وكأنهن يشعرن بأنهن يفعلن ذلك على مضض ... وتكفي إشارة بالرأس أو اليد للظفر بالشهوة المعروضة على الرصيف
أما الفئة  الثانية منهن فتفضل الشارع تقطعه طولا وعرضا  وانتظار أي زبون صاحب دراجة نارية أو سيارة يكفيه الوقوف لدقائق لتراهما يركبان الريح في اتجاه النشوة المنتظرة ....
وتشكل المقاهي  والفنادق المكان المفضل للجيل الجديد وصغيرات السن  اللواتي رفضن انتظار الزبون  وفضلن الخروج إليه والاقتراب منه في أماكن راقية ... ويكفي الفتاة أن تضع أمامها سيجارة من النوع الغالي الثمن و مشروبا وتنظر من يدفع الثمن.. وإن كانت منهن من غدت تعتمد التكنولوجية الحديثة في البحث عن الزبائن : تجلس في المقهى وترسل رسالة بالبلوتوت  قد تظفر من خلالها بهدفها في دقائق
أما النوع الأكثر أمانا فهو الذي يخرج من البيت وقد حدد هدفه مسبقا خاصة من أصحاب السيارات والسيدات المتزوجات الذين تربطهم علاقة مع شخص آخر ...
هذه بعض ملامح دعارة رمضان انطلقنا فيها من مدينتنا وحاولنا تعميمها على مدن أخرى متجنبين تحديد أسماء الأزقة والمقاهي لما قد يلحق أصحاب هذه المقاهي من أذى مع ضرورة الإشارة إلى أن الوقت الذي تمتلئ فيه المقاهي والشوارع بهكذا سلوكات تكاد المساجد تضيق بالمصلين فترى أكثر المغاربة ملتزمين على أداء الصلوات في وقتها ، متشددين في التردد على المساجد   





جنون التسوق في رمضان  يعطي صورة مغايرة عن المغرب

ذ. الكبير الداديسي
غالبا ما تتردد بين الناس عبارات  وأحكام حول ضعف القدرة الشرائية في المغرب ووجود نسبة كبيرة من السكان تحت عتبة الفقرووو
لكن المتردد على الأسواق قبيل وبعد حلول شهر رمضان الأبرك يكاد  يحكم بخلاف ما يتداول بين الناس وفي الصحافة الوطنية، فبالإضافة للأسواق المعهودة تم  استحداث أسواق عشوائية موسمية ،كما تم الترامي على عدد من الشوارع والطرقات وتحويلها لى أسواق لعرض الفواكه  الطازجة والجافة إضافة للخضر وأصناف الخبز والحليب ومشتقاته ....
إلا أن ارتفاع درجات الحرارة دفع بالناس  بالمدن الكبرى للتسوق من الأسواق الممتازة بدل الأسواق العادية أو العشوائية التي يتم استحداثها خلال هذا الشهر الفضيل، فإذا كانت الحركة لا تذب في الأسواق العادية إلا بعد منتصف النهار فإن الأسواق الممتازة  تفتح أبوابها  منذ الصباح  حتى ساعات متأخرة من الليل  ويشتد الإقبال عليها  وسط النهار إذ أصبح العديد من المتسوقين يفضلونها لكونها فضاءات منظمة  وقاعات مكيفة وتجنب الزبناء من الطبقات الوسطى الصدامات  وسماع الشجار والمخاصمات التي أصبحت تميز الأسواق المغربية  قبيل الإفطار إضافة إلى أن الأثمان فيها خاضعة للعرض والطلب ،وغير معلنة للزبون
الزائر لهذه الأسواق يفاجأ بإقبال المغاربة على التسوق والتبضع بشكل يبدو غريبا ومخالفا لما يتداول عن ضعف القدرة الشرائية إذ يكثر الإقبال ويتزايد على منتوجات معينة وقد سهلت لهم الرأسمالية كل السبل ، فهنا صيحات عن تخفيضات مغرية  وهناك تسهيل للقروض وتمت إقامة لمعارض تجارية  ، ففي مدينة آسفي مثلا التي لم يكن فيها أي سوق ممتاز قبل أقل من عقد من الزمن أصبحت فيها الآن أسواق كثيرة :
فما أن افتتح  أول سوق ممتاز بالمدينة أسيما في أكتوبر 2004 وصادف افتتاحه مطلع شهر رمضان حتى حج السكان من كل حدب وصوب لرؤية هذا الفضاء الجديد ولا زالت ساكنة المدينة تتذكر واقعة الافتتاح وكيف استحال على العديد ولوج  باحة هذا المولود الجديد ، ولم يتمكن رواده الأوائل من دخوله إلا بتدخل لقوات الأمن التي سهرت على تنظيم الدخول إضافة إلى الرجة الفكرية والثقافية التي أحدثها الافتتاح  الذي غدا موضوع الحديث اليومي والحكايات التي رواها زوار الفضاء الأوائل عن التنظيم والشساعة  والأثمان والنظافة   حتى صوره الكثيرون في صورة الحوت الضخم الذي سيبتلع ويقضى على مفهوم الدكان التقليدي  وقد خرج البعض يعلن احتجاجه ومساندته للتاجر الصغير (مول الحانوت) الذي صوِّر مهددا في رزقه ..وسيتكرر الموقف نفسه عند افتتاح مركز مرجان  و  عند افتتاح  مركز (la bel vie) ...
اليوم عندما يزور المرء هذه الأسواق الممتازة وغيرها يرى نساء ورجالا يحملون كميات كبيرة من التوابل  والحليب ومشتقاته  والفواكه والخضر ، ومنهم من يحمل أطقما للأواني من المقالي والكؤوس والطناجر .. وكأن هذه الأسر لم يكن لديها شيء من الآواني قبل رمضان  ، الإقبال المتزايد على التبضع والسباق الماراطوني المحموم على الشراء وكأن  الدنيا على شفير حرب نووية ، أو على شفير عاصفة ثلجية ستضرب المدينة وقد تستمر لشهور ،والناس يخافون من انتهاء المؤن
والغريب هو إقبال الناس على أصناف مألوفة وغير مألوفة ،تجعل المشاهد يتساءل لماذا يقبل عدد من الناس على شراء تلك الكميات الهائلة من المياه المعدنية والمشروبات الغازية وكأن لديهم دكاكين بقالة يريدون تصريف تلك البضائع من خلالها .وما أن ينتهي هذا التسابق المحموم في العشر الأوائل نحو المواد الغذائية والأواني حتى يتبعه تسابق آخر في العشر الأواخر نحو الملابس والإعداد لعيد الفطر ، لينطلق ماراطون آخر نحو الكتب المدرسية  والدخول المدرسي ، ليبدأ المغاربة الاستعداد لعيد الأضحى وقضية الكبش ....ورغم كثرة التشكي فلا أحد من المغاربة يتخلف عن هذه المناسبات مما يطرح عدة أسئلة كيف يتمكن المغاربة من مجاراة كل هذه المناسبات المتلاحقة ؟؟
هذه الحملة الشرسة على التبضع تقدم صورة مغايرة عن المغرب ، الذي يوجد عدد كبير من سكانه تحت عتبة الفقر ، ويعجز عدد من سكانه في تأمين لقمة العيش لأسرته ، مما يستلزم معه القيام بدراسات علمية حول الاستهلاك بالمغرب ، والاستهلاك في رمضان خاصة

الغش في رمضان

بقلم ذ. الكبير الداديسي
بعد أن خصصنا الحلقة السابقة لجنون التسوق وهوس التبضع في رمضان نبقى في هذه الحلقة قريبين من التبضع لنعرج على الغش في البيع والشراء خلال شهر رمضان …..
الغش في اللغة هو كل عمل أو سلوك يتنافى والقوانين المعمول به ، وفي القانون يعتبر الغش جريمة وجناية يعاقب عليها القانون وفي علم النفس الغش سلوك شاذ ومرض نفسي خاصية الشخصية غير السوية وغير المؤهلة للقيام بمسؤولياتها مستقبلا .تتعدد مظاهره وتتخذ أشكال متنوعة تخترق مختلف مظاهر الحياة البيوع والمعاملات والانتخابات …..
وعلى الرغم من كون شهر رمضان يبدو في ظاهر شهر التعبد والنسك والصيام وووو فإنه يحمل في طياته أيضا كل مظاهر النفاق والغش والفساد فأين يلاحظ كل هذا في سلوك الإنسان المغربي ؟؟ وهل فعلا تكثر هذه الظواهر الشاذة في رمضان ؟؟
أما الإقبال المتزايد  على التبضع واختزال ساعات التسوق في لحظات ما قبل الإفطار أو الليل ، إذ تعرف الأسواق حركية غير معهودة طيلة السنة سواء من حيث الكثافة البشرية أو من حيث كمية البضائع  المعروضة للبيع  تتنوع مظاهر غش رمضان بين إخفاء الأسعار او إخفاء السلع الجيدة او أيضا فرض أنواع معينة من المواد على المستهلك
ففي رمضان يكثر الباعة الوقتيون والعشوائيين الذين لا يملكون رخصا، ولا يحترمون أي قاعدة من قواعد حفظ الصحة او الشروط القانونية للمعاملات التجارية. رأسمالهم عربة يملأونها كل يوم بسلعة وقد تتسع لعدة سلع ( خضر فواكه خبز …) بل قد لا يلتزمون بمكان قار فلكل يوم مكانه ، وإذا حدث وتسببت بضاعته للزبون ضررا أو وجد البضاعة مغشوشة وبحث عن صاحبها قد لا يجد له أثرا
وفي رمضان أيضا غالبا ما يسعى التجار إلى استغلال ازدياد الطلب لرفع الأسعار وتقليل نوعية السلع مما يشجع على تبادل التهم بين البائع والمشتري فيعتبر التجار أن الصائم يشتكي كثيرا دون مبررات هذا الشهر.فيما يؤكد المتسوق أن جودة السلع في تراجع خلال رمضان والأسعار فازدياد.
الأكيد أن شهر رمضان يتميز بزيادة الاستهلاك والتزايد المفرط في التبضع والتهافت على اقتناء منتوجات معينة خاصة الغذائية منها … ولعل هذا التهافت يخلق فرصة مواتية للغش ورغبة البعض في الربح واغتنام هذا الشهر لتحسين المدخول الشهري .
إن الزائر للأسواق المغربية يلاحظ قوة الحركة والرواج الذي تعرفه في رمضان وبقدر تنوع المعروضات تتنوع مظاهر الغش من بائع الهندية البسيط الذي يضع أحسن حبات الهندية على الواجهة موهما البائع أن كل السطل من نفس الحجم والجودة ،إلى التجار ((المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون )) إلى بائع الحلوى الذي يوهم الناس أن حلوياته محشوة باللوز أو الجوز وهي محشوة في الأصل بالفول السوداني أو مجرد خليط منسوم برائحة اللوز ، دون نسيان خلط أصحاب الحليب واللبن لمنتوجهم بالماء أو مواد أخرى . ونفس الشيء يحدث عند الجزار وبائع السمك الذي لا بد أن يمرر للمشتري بعض القطع القديمة أو الفاسدة . دون نسيان أن شهر رمضان هو شهر الذبيحة السرية بامتياز ….
أن كثرة هكذا سلوكات في البيع والشراء في شهر رمضان تجعل العديد من الناس يعتقدون أن كل شيء مغشوش في هذه الأسواق التي تعج بمكبرات الصوت لتحتال من كل جانب على المستهلك الفريسة الذي لا يملك من وسيلة سوى اقتناء مواد يدرك جيدا أنها رديئة الجودة، عديمة السلامة الصحية. تفوح منها رائحة الفساد والغش ومع ذلك يقبل عليها : فمن أجبان وعصائر معروضة طيلة اليوم لأشعة الشمس اللافحة ، إلى مواد غذائية أخرى أنتهت مدة صلاحيتها وبضائع أخرى مقلدة بطريقة يستحيل على المتخصصين التمييز بين الأصلي والمزيف .
وإذا حدث وعرجت نحو المعسلات كالشباكية والمخرقة وبقلاوة والبريوات فاعلم أن لا علاقة لها بالعسل إلا الاسم فهي في الغالب مجرد معجنات و كميات من السكر المحروق سرعان ما يتكوم فوق أو تحت الحلويات مع الوقت ويعود إلى أصله بعد أن فقد لونه الأبيض .
وغالبا ما تجد على مداخل الأسواق عربات أصحاب الشرائط المدمجة وهي كلها تسبح في الفساد لأنها مجرد شرائط مقرصنة ولا تعترف بحقوق التأليف ، وربما انبعثت منها فتاوي غريبة تحرم كل شيء وتتوعد الناس بالعقاب الأليم وأهوال عذاب القبر
وإذا اقتربت من الأدوات الإليكترونية فتلك دنيا أخرى : ففي كل درب شبان أمامهم عربات بالزجاج مملوءة بالهواتف النقالة غيرت محتوياتها الداخلية تصبح عديمة الفائدة لأن بطارتها ميتة أو لأي سبب أخر بمجد ابتعادك أمطارا عن بائعها ، دون نسيان أن معظم تلك الهواتف مسروقة وقد وصلت إلى تلك العربات عبر عدة وسائط .
في شهر رمضان (( شهر التقوى والإيمان )) تكاد –في الأسواق المغربية – لا ترى ولا تشم إلا رائحة الفساد رغم حملات التوعية حملات المراقبة التي تقوم بها الدولة وفي هذا الشهر تٌحطم حالات الغش والفساد المسجلة رسميا الأرقام القياسية مقارنة مع باقي الشهور .
وإذا أضيفت إلى كل هذه المظاهر براعة الصينيين ـ الذين غمرت سلعهم أسواقنا ـ في تقليد الماركات سيبدو مدى الحيرة التي يعيشها المتسوق المغربي في اختيار مشترياته مها كانت بسيطة
السؤال هو أين دور لجن المراقبة ؟؟ ومتى سيتحرك ما يسمى بجمعيات حماية المستهلك التي لا نسمع عنها إلا في الإذاعة والتلفزيون.وحتى أن تحركت يظل تحركها محدودا في الزمان والمكان ، وتظل في حاجة إلى آليات وموارد بشرية ومالية لتقوم بعملها على الوجه الأكمل
هذه بعض ملامح الفساد في البيع والشراء في هذا الشهر المعظم تفشِّــيها يستدعي فتح نقاش مسؤول وعميق لتكريس القيم وإخراج البلاد من حالة اللا- معيارية والأنوميا التي غدونا نعيشها بحث يكاد الشاذ والفاسد يشكل المعيار خاصة مع ثورات الربيع العربي التي أعطت للباعة شجاعة زائدة فاحتلوا شوارع وفضاءات عامة وقطعوا الطرق في ظل تراجع قبضة الأمن حتى غذا كل بائع على أستعداد لإعلان حرق نفسه ولم يبق للغشاشين سوى العمل على تقنين الغش وإلزام المستهلكين به وإجبارهم على تقبله.



العودة إلى الساعة القانونية للمملكة أربك المغاربة قبيل رمضان

ذ. الكبير الداديسي
اعتادت المملكة المغربية تأخير عقارب ساعتها 60 دقيقة كل موسم صيف حتى تقلص المسافة الزمنية بينها وبين الاتحاد الأوربي الشريك الأول للملكة ، وبهدف التوفير والاقتصاد في الطاقة بعد إجبار الناس على النوم باكرا للاستيقاض باكرا ... لكن خصوصية شهر رمضان حتمت على المغاربة العودة إلى التوقيت الرسمي و الساعة القانونية التي توافق توقيت كرينيتش ، وعلى الرغم من كون كل المغاربة يعلمون مسبقا أن هذا التغيير سيكون خلال شهر رمضان ، بل منهم من ظل يحافظ على الساعة القانونية ولم يضف ستين دقيقة لساعته منهم رئيس الحكومة السيد عبد الإله بن كيران الذي سبق أن صرح أن لا يغير التوقيت إلا في ذهنه    ..فإن حذف ساعة سيغير نمط التوقيت التي بدأ المغاربة يتعودون عليه. فإذا كان حذف الساعة يجعل – خاصة في اليوم الأول – يجعل الكثير من المغاربة الموظفين والعمال يتأخرون عن التزاماتهم فمنهم من تأخرعن العمل ومنهم من تأخر عن موعد السفر مضيعا الطائرة أو الحافلة أو القطار ،خاصة والمغاربة يحفظون عن ظهر قلب عبارة ( إذا لم تحظر في وقت السفر فلا تقبل منك شكاية ) ويرتبكون بين عبارات الساعة القديمة والجديدة  فإنه وعلى الرغم من كون الوزارة  المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث القطاعات قد أصدر بلاغا تحدد فيه  مواعيد  العودة للساعة القانونية للمملكة  ووجود مرسوم  وقرار صادر عن رئيس الحكومة  ناهيك عن التذكير بهذه القوانين عبر وسائل الإعلام ..فإن عدد لا يستهان به لم ينتبهوا لهذا التغيير فقد تفاجت عن أخذ أبنائي لإحدى الجمعيات التربوية على الساعة الثامنة لما وجدت عددا من المخرطين قد حظروا للجمعية قبل الموعد بستين دقيقة ، وطيلة تلك الساعة وهم يتداولون حالات لأقارب لهم ذهبوا للعمل قبل المعد المحدد ..
ولعل هذا الارتباك يكشف بالملموس أن عددا كبيرا من المغاربة لا يتابعون الإعلام الوطني ، إما لأنهم يتابعون الفضائيات الشرقية و الغربية دون المغربية أو لكون الإعلام المغربي لا يشكل شيئا ضمن اهتمامات المغاربة ، وربما لو صادف هذا التغير بداية رمضان لكان تأثيره ضعيفا 
أكيد أن في العودة للساعة القانونية في رمضان بعض المزايا لأن في الحفاظ على الساعة المضافة سيجعل النهار أطول ، ويجعل المغاربة يستيقظون باكرا ، وتستمر صلاة التراويح إلى وقت متأخر... لكن رغم تكييف الوقت مع شهر رمضان فإن وزارة التربية الوطنية نسيت ذلك وأصدرت بلاغها تحافظ فيه على نفس التوقيت في الدورة الاستدراكية مما أثر سلبا على كل الفاعلين في القطاع 10 و11 يوليوز الجاري الموافق لفاتح وثاني رمضان  دون إحداث  أي تغيير على مواقيت ومدة فترات الاختبارات التي ستنطلق على الساعة الثامنة خلال الفترة الصباحية وعلى الساعة الثالثة بالنسبة للاختبارات المبرمجة خلال فترات ما بعد الزوال تكون بذلك الوزارة قد أضرت بالمستدركين وهي التي لم تراع خصوصية شهر رمضان ،  سواء في بداية  الامتحانات (الثامنة صباحا  ) إذ سيكون التعليم هو القطاع العمومي الوحيد  الذي يفتح أبوابه قبل السابعة استعدادا لإجراءات الامتحانات في شهر يعرف عند المغاربة بالسهر ، كما أضرت بهم  عند تأمل الوقت الفاصل بين الحصة الصباحية والحصة المسائية (من الحادية عشرة صباحا إلى الثالثة زوالا  ) مما سيحكم على آلاف التلاميذ  والأساتذة البقاء منشورين أمام الثانويات ومراكز الامتحانات في البوادي والحواضر طيلة أربع ساعات  تحت حرارة الصيف الملتهبة ومعاناة العطش والجوع مع غياب وجبة الغذاء التي كانت تحتم عليهم العودة لديارهن  ، حوالي 176 ألف مرشح ومرشحة وإذا أضيف إليهم حوالي 31 ألف أستاذ وأستاذة مكلفين بالحراسة   وحوالي 20 ألف مكلفا بالتصحيح ناهيك عن الإداريين  والمشرفين والأعوان ورجال الأمن ومن يعمل في اللوجستيك  والأسر التي ترافق أبناءها وتتابعهم مما يجعل عددا ممن يهمه أمر الدورة الاستدراكية  أكبر من عدد  سكان بعض الدول  خاضعين لهذه التدابير التي لا تتوافق ورمضان، فماذا كانت تخسر الوزارة لو عدلت توقيت الامتحان وجعلت الدخول في حدود الساعة التاسعة أو ما بعدها مما كان سيمكن التلاميذ  الساهرين أو الذين يستيقظون للصلاة أو السحور من أخذ قسط من الراحة ؟؟، وفيم كان سيضر الوزارة  تقليص التوقيت بين الحصة الصباحية وحصة المساء ما دام كل المترشحين والمراقبين من البالغين الصائمين ، لتجنيبهم طول الانتظار أمام الثانويات خاصة وأن مترشحي الدورة الاستدراكية يُجمَعون في المراكز  حسب الشعب ومنهم من يحضر لمركز الامتحان من خارج  المدينة بعد أن سنت الوزارة سياسة جمع كل شعبة في مركز ، كما أن تقليص المدة الفاصلة بين الحصتين سيسمح لهم إنهاء الامتحان باكرا والعودة لمنازلهم ويجنبهم اكتظاظ وازدحام قبيل الفطور من جهة  ويساعد نساء التعليم  المكلفات بالحراسة وهن كثيرات على  توفير بعض الوقت للتحضير لوجبة الفطور دون ضغط من جهة أخرى، فليس هناك  حاجة تلزم رجال التعليم ونساءه إلى العمل إلى ما بعد  السادسة وبأي حق يبقى التلاميذ ورجال التعليم مرهونين إلى السادسة في الوقت الذي ينتهي العمل بكل الإدارات والقطاعات العمومية  عند الثالثة زوالا ؟ وأخيرا أليس في العمل  حوالي 12 ساعة من السابعة إلى السابعة ( على الأقل بالنسبة للإداريين) انتهاك لكل قوانين الشغل التي تحدد أوقات العمل في ثماني ساعات في اليوم والكل يعلم  أن رؤساء المراكز والمسؤولين على استقبال الأوراق في النيابات والأكاديميات قد سيستمر عملهم وقتا إضافيا آخر ..



الخوف من رمضان يحتم تعجيل و تكديس المهرجانات !!!

ذ.الداديسي الكبير
مع اقتراب شهر رمضان اضطرت العديد من الجماعات  الحضرية والقروية وجمعيات  المجتمع المدني إلى التعجيل بتنظيم مهرجاناتها قبل حلول الشهر الفضيل ،  فتطالعنا قصاصات الأنباء والإعلانات عبر مختلف وسائل الإعلام  عن تنظيم مهرجان هنا وآخر هناك في تسابق محموم ضد الساعة وإخضاع مهرجانات  كانت تنظم في الغالب خلال شهري يوليوز وغشت إلى عملية تنييع قبل الأوان ...
 فكما عاشت مدن مثل أصيلا ، الصويرة ، الرباط ، أكادير آزرو طنجة ,وجدة مهرجاناتها عرفت مدينة آسفي في أقل من شهر عدة مهرجانات وملتقيات فنية واقتصادية ، هكذا احتضنت المدينة المعرض الجهوي للفلاحة في الأسبوع الأخير من شهر يونيو  بفضاء ملاعب القرب نجاح الأمير  ، وبتنسيق مع وزارة الثقافة احتضنت المدينة أيام 20 -21-22-23 يونيو المهرجان الوطني للعيطة  حيث شكلت منصة ساحة مولاي يوسف المنصة الرسمية للمهرجان وتناوب عليها معظم فناني العيطة من مختلف الجهات التي تعرف بهذا الفن الشعبي ، و تحتضن ساحة بوذهب بالمدينة القديمة هذا الأسبوع معرض الصناعة التقليدية ابتداء من 28 يونيو ، وبفضاء المركب التجاري أسيما يقام حاليا معرض تجاري ، وستحتضن آسفي أيضا أيام 5 -6 يوليوز المهرجان الأول للفكاهة والضحك تحت شعار (عـــبدة وأنا نضحك ) والذي استدعي إليه ثلة من الفكاهيين المرموقين محليا جهويا ووطنيا وستكون عروضه أولى العروض التي ستقام بالقاعة متعددة التخصصات بمدينة الثقافة والفنون ، كما نظم سباق للدراجات يوم 7 يوليوز ، ....  ومعظم هذه المهرجانات كانت تقام بشهري يوليوز وغشت  ....  وكأن هناك من يهمس قي آذان  المغاربة  : يجب تنظيم المهرجان قبل حلول رمضان !! اسرعوا ولا تتأخروا فرمضان قادم أحذروا التأخير !!
 الأكيد أن هذه المهرجانات - وإن اختلفت الرؤى بشأنها بين المدافعين عنها ومعارضيها - تخلق  داخل المدن حركية ورواجا بشريا واقتصاديا  ، ومعظم المترددين عليها من الأوساط الشعبية  يجدوا فيها متنفسا يريحهم من روتينية الحياة الرتيبة  ، ونحن لن نناقش هنا سلبيات هذه المهرجانات وما يصرف فيها من أموال يرى معارضوها من الأولى صرفها على التنمية والمشاريع الضامنة للعيش الكريم  ، ولا إيجابياتها وما تعود به على المدينة وسكانها من فائدة اقتصادية وفنية تنفس عليهم بعض ما يضغط على صدورهم .. وإنما نطرح هذا السؤال : إذا كان تنظيم  هذه المهرجانات ضرورة حتمية   فلماذا هذا التسارع و تكثيف الأنشطة في وقت قصير قبيل شهر رمضان ؟؟  وفيم يضر تنظيم بعض هذه المهرجانات في رمضان ؟
يومي 5 و6 يوليوز أي قبيل شهر رمضان سيعيش سكان آسفي الطبعة الأولى لمهرجان الفكاهة والضحك وهو مهرجان قرر منظموه تنظيم كل عروضه ليلا  في القاعة المتعددة الاختصاصات بمدينة الثقافة والفنون وهي أولى العروض بهذه المدينة بعد أن دشنها صاحب الجلالة في زيارته الأخيرة للمدينة ... و كان من الأجدى تأجيل هذا المهرجان إلى شهر رمضان ما دامت المدينة قد عرفت عدة أنشطة قبيل الشهر الفظيل  ، وبالتالي تنظيمه  قد تساهم في خلق حركية بليالي رمضان ،وليالي العطلة والصيف ويكون معظم التلاميذ والطلبة قد أنهوا امتحاناتهم ، أما تنظيم هكذا مهرجان قبيل رمضان وقبيل الدورة الاستدراكية للباكالويا وامتحانات الكلية ... سيحرم عدد من سكان المدينة من متابعة عروض هذا المهرجان ، وسيزيد  في الأعداد  الرافضة لمثل هذه المهرجانات والناقمة على منظميها  ...
صحيح أن لرمضان  في المغرب  خصوصيته ، وهو شهر له عبّاده يجعل المساجد تضيق بزوارها خاصة خلال صلاة التراويح ، لكن عدد كبير من المغاربة أيضا بعد  التراويح يخرجون للبحث عن الترويح ( سبق أن نشرنا مقالا حول رمضان بين الترويح والتراويح )  فيحلو لهم السهر في الصيف . فيبحثون عما يروح عنهم في المقاهي وبعض الأوكار التي تتخذ من بعض الكاراجات أو الخيام فضاءات للغناء الشعبي ويستدرجون إليها المراهقين والشباب خلسة من ذويهم  و تعرف تعاطي الشيشة ، السجائر ، وأشياء أخرى
 فلماذا لا تفكر الجماعات المحلية في استغلال شهر رمضان في تأطير الناس والسماح لهم في التجمع بالساحات العامة مع ذويهم  والاستمتاع ببعض ما تقدمه هذه المهرجانات بدل دفع الشباب إلى البحث عن ذلك في الاوكار التي يستغلها بعض المتاجرين بالفن الشعبي للاغتناء على حساب تدمير الشباب  ، تضمن معظم الك المهرجانات ندوات وعرض ثقافية  ؛ فتنظيم المهرجان الوطني للعيطة   - وهي جزء من هوية المغربي الفنية ، وتراث تناقلته الأجيال ومظهر من مظاهر ثقافتنا الشعبية ،و مهرجان للضحك و للفكاهة – والمغاربة شعب يتذوق الفن الساخر -  في رمضان وفي ساحات وقاعات عامة يرتادها عشاق هذا الفن ربما قد يساهم في خلف أجواء خاصة في العلن بدل البحث عن الاختباء في تلك الأوكار المشبوهة   ...
أن ما نسمعه عن إعلانات للمهرجانات في القرى والمدن الصغيرة والكبيرة قبيل رمضان ، يكرس في أذهان شبابنا أن ديننا يعادي الفن والفكاهة ، ورمضان يتنافى والسهر والطرب ، وفي التعجيل بهذه المهرجانات تلميح إلى أنها تتضمن منكرا ومعاصي يجب إبعادها عن شهر يعرف بالعبادة والنسك  ، وتلميح إلى ضرورة تمرير المكروهات قبل حلول شهر الطهر والصفاء .



رمضان يربك  السياحة ويطيح بشهر غشت

بقلم ذ. الكبير الداديسي
اعتاد المغاربة أن يجعلوا من فصل هذه هي السنة الثالثة التي يصادف فيها شهر رمضان  العطلة الصيفية ، وإلى عهد قريب كان شهر غشت يتربع على عرش السياحة المغربية فتتحطم فيه  كل ألأرقام القياسية من حيث ليالي المبيت بالفنادق وعدد الزوار للمنتجعات السياحية الساحلية والجبلية ، ومهرجانات المدن ، والأعراس  وحفلات الزواج والختان ..وحركة دخول وخروج أفراد الجالية المغربية . وحركة الاستقبال بالمطارات والموانئ ...
كان الفرد عندما يزور أي مدينة شاطئية أو أي مدينة سياحية بالأطلس خلال شهر غشت  يكاد يضجر من كثرة الحركة ، ويصيبه التعب وهو يبحث عن مكان لركن سيارته . ويغشاه الملل وهو ينتظر النادل في المقهى أو المطعم يقدم له وجبة أو شرابا ..
خلال شهر غشت كانت تنتعش الحركة السياحية ، ويرتفع ثمن كراء المنازل .. و يشتغل عدد من التلاميذ والطلبة  والشباب عامة في عدة مهن موسمية كمساعدة الوقاية المدنية (معلمي السباحة) وحراسة السيارات ، ومساعدة أصحاب المقاهي والمطاعم التي تكتظ بالزوار ..وتنشط حركة الممونين والنكافات والنقاشات  وبائعي  الأكلات السريعة ....
لكن مصادفة شهر رمضان هذه السنة لشهر غشت أسقط هذا الشهر من برجه العاجي وتربعه على هرم السياحة المغربية  فيحول معظم المنتجعات لأطلال ومدن أشباح شبه خالية : فالشواطئ  التي كانت وسط النهار تعج  بالأجسام العارية تعرض مفاتنها الرجولية أو الأنثوية تتلذذ بلسعات الشمس اللافحة ، باحثة عن سمر مفقودة طيلة السنة .. هذه الشواطئ أصبحت تبدو كالبيداء لا أثر فيها لحركة الإنسان سوى بعض النصارى الذين استغلوا هذا الشهر لشحن أجسادهم بالحرارة والتمتع بالبحر والشمس ... وقد تدب بعض الحركة في جسم بعض الشواطئ القريبة من المدن قبيل الإفطار ببعض الشبان الذين يمارسون كرة القدم أو بعض الأنشطة الرياضية الأخرى  لكن  لا اثر لكل أولئك الذين كانوا يسترزقون ببيع  المثلجات والمرطبات والباعة المتجولون من الشباب الذين يبيعون بعض المأكولات الشاطئية ، أو بعض لعب الأطفال أو الشمسيات ...
أما إذا حدث وزار الفرد مدينة جبلية فسيكتشف تأثير شهر رمضان في اليوم  على القطاع السياحي : وتكفي زيارة سريعة لعين سيدي حرازم  نواحي فاس  التي كان كل هم زوارها هو شرب أكبر قدر ممكن من الماء ..أو عين أسردون ببني ملال أو شلالات أوزود بإقليم أزيلال ... لتتجلى  له صورة هذا التأثير فالأمكنة شبه قاحلة  وأماكن الاصطياف شبه خالية إلا من بعض الأجساد المتعبة  الملقاة على ضفاف المنابع المائية بعيون مجهدة وقوى خائرة وأجسام أنهكتها الحرارة وأتعبها الجوع والعطش  فبدت كثمار متعفنة سقطت من شجرة الحياة ... ليستحضر الزائر صورة هذه المنتزهات في نفس الشهر من السنين الماضية حيث المكان وقد اصطفت في حنباته الطواجن على المجامر  وروائح ودخان الشواء يجذبان أمعاء الجائعين ...
إن شهر رمضان أنسى المغاربة  والمسلمين أن هذا الشهر ( شهر غشت ) شهر السياحة بامتياز، رافعا شعار لا زواج لا ختان  في هذا الشهر الكريم ،  وبعد رمضان يأتي عيد الفطر والدخول  المدرسي وبذلك سيكون لشهر رمضان الكريم تأثير كبير على الموسم السياحي  وعائدات السياحة الداخلية والخارجية  ...والأكيد أن نفس السيناريو سيتكرر في السنوات القليلة المقبلة لذلك يتوجب على المشرفين على القطاع السياحي التفكير في تحويل ذروة الموسم السياحي لفصل الربيع بدل فصل الصيف إلى حين ابتعاد شهر رمضان المعظم عن موسم الصيف

قضايا رمضانية في المغرب قضايا رمضانية في المغرب    بواسطة Unknown on 9:14 ص القسم: 5

ليست هناك تعليقات: