دار بوعودة مومباي المغرب

تحرير - ميادين اسفي

مدينة أسفي، حي المسجد أو حي الزاوية العليا المشهور أيضا بلقب دار بوعودة مكان يعرف حركة تجارية منقطعة النظير في ربوع المدينة مكان تجد فيه باعة السمك، الخضارين، البقالين، بائعي النعناع، باعة المخمار، سوق أثواب مشتهر باسم "سوق النسا" داع صيته على المستوى الوطني، ثلاثة أبناك مصحوبة بوكالة القرض الفلاحي، تجعلني أسمي الحي أحيانا بحي "اللعاقة" غير أن سكان الحي لا يجنون من ثماره إلا "ربطات" النعناع المتناثرة هنا وهناك، أو رؤوس السردين التي يكدسها أصحاب العقول النيرة ليلا قبل الخلو إلى حال سبيلهم 


قطاع غير مهيكل يضر أصحاب الدكاكين الذين يؤدون مستحقاتهم من الضرائب أكثر مما يضر ساكنة الحي حيث تنشط هناك مهن جد غريبة لكن تدر دخلا لابأس به على مزاوليها فترى بائع السمك الذي تصله صناديق متنوعة عن طريق "تريبورتورات" المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعة الأسماك ليسوا رجالا تعرفهم بسيماهم بل أناس يتكاثرون كالفطر كل يوم، تكاد تستشف في حوار الأعين بين الأصلي والوليد منهم عبارة "قوم تبع لاتشبع من عصاهم"، على هامش الباعة تجد وراء كل فرد منهم فردا منهمكا في تقشير ما تم تأدية ثمنه هم شباب أو أطفال تتراوح أعمارهم مابين 10 إلى 30 سنة مهمة هؤلاء جد بسيطة : تلويث الشارع و تكديس عشرات الكيلوغرامات من البقايا النتنة الناتجة عن تقطيع رؤوس السمك واستخراج أحشاءه ووضعها على جنبات الشارع الرئيسي كورود تعطي المكان بهجة ورونقا خاصا

لكن هاته الورود ما تتفتق حتى يأتي عليها شكل اخر من المخلوقات هم الليليون : كلاب ضالة وقطط شرسة تنهش منها ما يملأ الأمعاء، في داربوعودة لا يموت الحيوان من الجوع أو من أناس يمارسون عليه عذاب الهون، بل تموت هاته الكائنات من انفجار البطون، فالوزيعة لا تفرق بل تغتنم في حفل جماعي، باحتساء "عواصير" القمامة التي تسيل على سطح الطريق، إضافة إلى هؤلاء نشئت مهن أخرى مرتبطة ارتباطا وطيدا بالسمك ، هم بائعو "الكاسكروطات" وأصحاب المقالي على الهواء الطلق، فيكمن للزبون أن يشتري السمك ثم يقوم شخص بتقشيره وغسله، يأخذه اخر حيا يرميه في المقلاة فلما ينضج يأتيك صاحب الخبز لعين المكان وأنت لازلت ساكنا بمكانك لم تتحرك 
لكن كل هذا لا يأتي دون ثمن فالحي يعاني من عشوائية منقطعة النظير فكثرة المقاهي التي تتوالد هي الأخرى بسرعة قصوى لا تزيد الطين إلا بلة، فتارة ترى المقهى الذي تصل كراسيه إلى حافة الطريق واخر يقوم بإزاحة مترين كل ما سنحت له الظروف بذلك حيث أن طول المقهي يبلغ 4  أمتار والمساحة الخارجية تصل إلى 8 وهذا في غياب أي معاينة أو مراقبة لإحتلال الملك العمومي من طرف السلطات المحلية


فإذا كان عرض الشارع يصل إلى 8 أمتار وأرباب المقاهي يضعون الكراسي على حافة الشارع وباعة الأسماك يحتلون مترين والعربات المتنقلة للفواكه والحلويات، والراجلون مترين من كل جانب سيبقى مترين، بتحليل رياضي بسيط أكاد أنفجر من التعجب لكيفية مرور الحافلة، أو سيارات الأجرة من المترين المتبقيين.
في هذا الجو من الاكتظاظ تنشط فئات أخرى هدفها الوحيد كسب لقمة العيش بأي شكل من الأشكال، هاته الأنواع تحب الازدحام بل تطمئن له لأن مهنتها متوقفة عليه، إحدى مهامها سرقة الجيوب، الحوم حول السيارات التي تمر من عين المكان بسرعة بطيئة  وتظليل صاحب السيارة وتسليل الأيادي إلى الداخل من أجل السطو على كل ما يفوق ثمنه العشرة دراهم وهو قوتها اليومي.
جرائم بالجملة أبطالها ذوي سكاكين، عاطلون عن العمل، قاصرون في مرحلة التدريب، أما الأمن فلا يحضر إلا في الزيارات الملكية من أجل جعل المكان خاليا وزرع الورود على "الزفت" هاته الأخيرة التي سرعانما تدبل في غياب أدنى شروط نموها، تحضرني في هاته اللحضة قصة شرطي مسفيوي :" فواحد الزيارة ملكية تكا على واحد الشجرة، وهي تقول ليه نوض تكعد، جاوبها راني غير ديبلاصي، قالت ليه : حتا أنا راني غير ديبلاصي"
كيف يمكن لحي مثل هذا أن تجتمع فيه المتناقضات أبناك وأسواق عشوائية : سوق الأتواب، وسوق السمك، في غياب أي سياسة محلية من المجلس الجماعي لإحتواء الضغط المتزايد، وما مصير الأسواق النمودجية التي أصبحت بناياتها مأوى للحيوانات الظالة و لمن أراد قضاء حاجته؟

 

دار بوعودة مومباي المغرب دار بوعودة مومباي المغرب بواسطة Unknown on 6:46 م القسم: 5