ثقافة الأوراش ترسيخ لقناعات التطوع في تنمية البلد
ــ ورش تأهيل وطلاء الواجهات بدرب البحر نموذجاــ
رشيد عوبدة - ميادين أسفي
إن ثقافة التطوع ليست غريبة على مجتمعنا المغربي، بل إن
لها امتداد في ذاكرتنا الجماعية، بحكم أنها كانت منغرسة في طباع المغاربة منذ
القدم، فقد عرف المغاربة ظاهرة "التويزة" التي لا يمكن إلا أن يتذكرها
المغاربة بحميمية قَلَّ نظيرها، و هي ظاهرة اجتماعية يُعتبر فيها الكل هو مجموع أجزائه،
وهي
تعبر عن حالة تضامنية يجتمع فيها أهل الحي أو القرية على مساعدة بعضهم البعض في
الحالات التي تظهر فيها الحاجة للتضامن من أجل إنجاز عمل يستعصي على الفرد القيام
به بمفرده، كمواسم الحصاد وجني المحصول أو غزل الصوف عند النساء أو مساعدة أحد
أفراد القبيلة أو الحي في أحد أعماله كبناء المنزل أو غيره، و بهذا تصبح ظاهرة "التويزة"
ظاهرة انتاجية لكنها أيضا نسيج لمجموع العلاقات الإنسانية.
لم تكن ظاهرة "التويزة"
الظاهرة الوحيدة التي تُبْرز أهمية العمل التطوعي بل شَكَّل مشروع "طريق
الوحدة" أيضا أحد أبرز تجليات ثقافة التطوع الجماعي في التأسيس لفكرة الوحدة
السياسية، فلم يكن الغرض من المشروع إنجاز 80 كلم، رابطة بين مدينة تاوريرت وكتامة،
بقدر ما أن دلالاتها كانت رمزية، لأنها كانت تستهدف الربط بين مناطق الشمال و
الجنوب الخاضعين للاحتلال الاسباني، مرورا بوسط المملكة الذي كان فيما سبق خاضعا
للاحتلال الفرنسي، و الذي نال استقلاله فيما بعد، و بهذا كان العمل التطوعي أداة
مشتركة بين كل المغاربة لتحرير البلد و توحيده و المساهمة فيما بعد في تنميته...
إن ظاهرة التطوع لم تتوقف،لأن
المجتمع المدني رسَّخَ لها - من خلال تأطيره للعديد من الكفاءات المؤمنة به -
كثقافة و ليس كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية علما أن هناك العديد من
النخب السياسية التي أدركت قيمة العمل التطوعي في حشد الدعم الجماهيري لبرامجها
السياسية ... و تعتبر "جمعية اوراش" من الجمعيات التي ترسخ ثقافة التطوع
في السلوك الجماعي الاعتيادي، لهذا ما فتئت تقوم بعدة أنشطة ليس الهدف منها الظهور
الاعتباطي للجماهير بغرض تسويق أشخاص أو هيئات بل كان الهدف منها أجرأة فكرة على أرض
الواقع، بما يضمن مشاركة الساكنة بطريقة عفوية دون أن يسيجوا أنفسهم بسياج أحكام
قيمة مسبقة حول الهيئة المستفيذة من العمل، و يعتبر آخر ورش لهذه الجمعية بمدينة آسفي
نموذجا حيا للعمل التطوعي الهادف، و الذي استمر لمدة 7 أيام بمشاركة لأكثر من 27
متطوعا توزعوا ما بين تقنيي المفتشية الجهوية للمباني التاريخية و المواقع بآسفي،
و متطوعين فرنسيين و أعضاء جمعية شباب و تعاون للأوراش الدولية إضافة إلى متطوعين
من المدينة العتيقة التي احتضنت ورش تأهيل و طلاء الواجهات بدرب البحر، هذا الورش
الذي ساهم فيه الشركاء الآتية صفاتهم :
ـ المفتشية
الجهوية للمباني التاريخية والمواقع بآسفي .
ـ جمعية شباب وتعاون للأوراش الدولية .
ـ المجلس الحضري لأسفي .
و قد استهدفت تدخلات الساهرين على الورش و المنظمين له :
ـ إبراز إطارات 14 من الأبواب و10 من
الأقواس الحجرية.
ـ طلاء الواجهات باللون الأبيض والأبواب والنوافذ باللون الأزرق
(وصل عدد الأبواب المصبوغة إلى 40 والنوافذ إلى 52).
تعليق مزهريات
بها نباتات وأزهار على مستوى الواجهات (10 مزهريات).
ثقافة الأوراش ترسيخ لقناعات التطوع في تنمية البلد
بواسطة Unknown
on
6:37 ص
القسم:
ليست هناك تعليقات: