رواية العمامة والطربوش أو عندما تغتال التقاليد المرأة الجزائرية : ج1 .الكبير الداديسي



 انفتاحا على مختلف الحساسيات الروائية االعربية المعاصرة بنون النسوة، وبعد أعمال من المغرب مصر لبنان والسعودية وسوريا .. نفتح اليوم نافذة على الرواية النسوية بالجزائر، لأن أحلام مستغانمي استوفاها النقد حقها ، وكتب عنها نقاد من مشارق العالم العربي ومغاربه نلتفت في هذه السلسة لبعض الروائيات الجزائريات اللواتي يكتبن في صمت ، ولهن من الإبداع ما يؤهلن لمراتب أعلى في الشهرة ، في هذا المقال الأول نقدم لقرائنا رواية صغيرة في الحجم (120 صفحة للمتن إذا ما حدفنا صفحات البداية: العنوان الداخلي ، الإهداء ..) لكنها كبيرة في دلالاتها والرسائل الممررة عبرها نقصد  رواية (العمامة والطربوش) للروائية بن عزيزة صبرينة وهي ثاني إبداع للكاتبة في تجربتها الروائية، بعد عملها الأول (اليوم الثامن).
عنوان الرواية
أول ما يلفت نظر القارئ هو عنوان هذه الرواية ، وهو عنوان مبني على آليات التكثيف، الاختزال والتعريف، يتضمن كلمتين تربط بينهما أداة عطف (و) مما يجعل العنوان لا يحمل أي حكم ، ويقدمهما ككلمتين محايدتين لهما نفس المكانة ، لا تنحاز لواحدة على أخرى وأن ظفرت العمامة بالتقديم ...
كلمتا العنوان توحيان للقارئ أن النص الروائي قد ينبني على التقابل بينهما وانحياز الساردة لأحدهما على حساب الآخر خاصة وأن صراعا محتدما نشأ بين أنصار العمامة وأنصار الطربوش في مرحلة ما من تاريخ الأمة العربية وبمصر ما بعد  حملة نابلويون خاصة..
لكن سرعان ما يخيب أفق انتظار القارئ عندما لا يصادف أي ذكر لكلمتي العنوان في النصف الأول للرواية ولم تحظر الكلمتان حتى الصفحة 72 عندما أشارت الساردة إلى أن بوعناب (يرتدي مرة عمامة ومرة طربوش )  لتغيب الكلمتين حتى الصفحات الأخيرة كما في الصفحة 126 التي تكررت فيها الكلمتين مرتين في قول الساردة: ( ظهرت كل عيوبه التي طالما أخفاها بالعمامة والطربوش، أصلع قصير بذيء الروح والمظهر ، لكن أين عمامته وطربوشه)  عدا ذلك لم تجتمع الكلمتان في الرواية أبدا، هذا وقد ذكر الطربوش منفردا في الصفحات الأخيرة ثلاث مرات  مرتبطا بالأب  ففي الصفحة ما قبل الأخيرة ورد قولها: ( كان أبي هو من يرتدي الطربوش )  وفي آخر صفحة (سحب أبي خنجره وطعن ظهري.. تشبت بحاشية الطربوش.. ) وعندما تهاوت مطعونة قالت في آخر جملة في الرواية ( الآن وفقط الآن سأرتاح في سلام، في إحدى يدي حفنة أحلام ، والأخرى حاشية الطربوش) في مقابل ذلك وردت كلمة مرة واحدة وجاءت جمعا في الصفحة 78 ، ومن تمة إن فهم البعض أن في تقديم العمامة على الطربوش في العنوان تفضيلا، فإن ذلك سرعان ما يتلاشى بالنظر إلى عدد المرات التي تكررت فيها  كلمتي العنوان في المتن المحكي ...
والملاحظ أن ذكر كلمتي العنوان مجتمعتين في الرواية لم يرتبط إلا بالشيخ بوعناب قاضي القبيلة والمتحكم في رقاب أهلها ومصائرهم دون غيره من شخصيات الرواية، في ارتبط الطربوش بالاب، والعمامات جاءت عامة ، وحتى إن لم  أن تحوي الرواية أية مقارنة أو تعارض بينهما فإن ارتباطهما بنفس الشخص ، وجعله يضيف لفة لعمامته، وحاشية لطربوشه كلما أقر شيئا جديدا، يجعل من الكلمتين رمزين لهما دلالات غير ما كان ينتظرهما القارئ ، إذ يتحولان إلى مجرد أ قنعة ومسوح لإخفاء الشر والظهور بمظهر الأولياء  وه ما عبرت عنه الساردة في الحالة الوحيدة التي ذكرت فيها العمامات جمعا: (ذمم بيعت سلفا تغطيها عمامات الحرير ولحى عشوائيا طويلة يغطيها وقار كاذب )... 
مضمون الرواية:
 رواية (العمامة والطربوش) تحكيها سعدة الطالبة  الجامعية، التي تتابع دراستها بمدينة على الشريط الساحلي للجزائر تقطن مع خالتها،  قضت بهذه المدينة أربع سنوات وهي المنحدرة من إحدى القرى النائية،
  تنطلق الأحداث وسعدة في الفراش تستحثها خالتها : (سعدة .. سعدة سيفوتك الوقت يا ابنتي) ، وهي في الفراش تتذكر كيف ماتت أمها كمدا بعد أن تزوج عليها زوجها لأنها لا تلد إلا الفتيات تقول سعدة (تزوج عليها أبي لما أنجبت له بنتا ثانية وأجبرها على الرقص في عرسه وهي نفساء)  فكان ذلك سببا في وفاتها  لتكون هذه الذكريات نافذة تطل من خلالها الرواية على واقع المرأة في الريف  الجزائري وتنتقد بعض الأعراف البالية فيه في علاقة الرجل بالمرأة، تخرج سعدة من بيت خالتها وتتجه لزيارة متحف المدينة لتقف على بعض التماثيل خاصة تمثال الأمير عبد القادر، ويكون نسيانها لمحفظتها بالمتحف مناسبة لزيارة ثانية والوقوف على تمثال أبي عبد الله آخر ملوك الأندلس الذي ذكرها في البداية بهتلر واسترجعت من خلالهما لحظات من التاريخ .. في المتحف تعرفت على مروان الشاب الفلسطيني مرشد المتحف ، ويتحقق نوع من التقارب بين شاب مثقف مطلع على الأدب والشعر وسعدة الشغوفة بالعلم والبحث ليتعرف القارئ على مروان ومن خلاله على ظروف اللاجئين الفلسطينيين من جهة، وعلى البطلة وما عانته بفقد الأم ، وقسوة ألاب من جهة ثانية تقول في أبيها : لم يعلمني أبي كيف أحب… علمني أن أنتظره، فينسى؛ ويفتح باب الغياب… أتوسد ذراع اليتم، وأستعذب ملوحة الدموع.) فتمنت لو ماتت بدل أمها: ( أماه! لو فقط كان يمكنني أن أهب نفسي للموت بدلا عنك….) وتستنتج أنه شبيهة أمها : ( أنت دفينة التراب، وأنا رهينة القبيلة) 
تتطور علاقتها بمروان،  ويعدها بأن يعلمها قواعد  العروض ويطلعها على قصائده وما نظمه من شعر في مدينته يافا ، وتكون العلاقة بينهما مناسبة للحديث عن القضية الفلسطينية ودعم الشعب الجزائري للقضية: وإذا كانت الرواية تسافر بالقارئ من خلال مروان إلى فلسطين ، فإنها تحمله من خلال سعدة إلى الدشرة (القرية) عندما كانت سعدة في الكتاب والشيخ (بوعناب) يعاقب كل طفل يتمرد على قوانين الكتاب ... يزداد تعلق سعدة بمروان بعدما غدا يطلق عليها اسم يافا، ويكون حزن مروان على مقتل صديقه نزار الذي كان يزوده بأخبار فلسطين سببا لتعرف سعدة أن مروان وهب قلبه ووجدانه للقضية للفلسطينية فلم يجد ما يرد به على سؤوالها : (أنا أحبك ألا يعني لك هذا شيئا ؟) سوى الاعتذار بطريقة لبقة :( أنا رجل مَدافعَ، و حروبٍ، لا باقات ورد، وأكاليل غزل، هناك قلوب لم تخلق للحب لذا الأوجب عليها فرض حظر التجول على علاقاتها... يلزمك رجل ..) لتغرق في اليأس بعد اقتناعها بأنها لم تكن في حياته كما قالت ( أكثر من فاصل إعلاني  ومجرد رقم من لائحة طويلة) وفي لحظة فراغ تتوصل سعدة بدعوة من  مجلس الزاوية والقبيلة تطالبها بالعودة للدشرة لإتمام زواجها ابن خالتها  مراد المتفق عليه بين الأهل وهو الزواج الذي حسم أمره شيخ القبيلة وقاضيها بوعناب، قال لها والدها: سعدة يرى شيخ القبيلة أن وقت قرانك قد حان بعد أن عاد مراد) ، ولم تجد أمامها سوى الرضوخ للطلب ومشاركتها  في طقوس الحفل على مضض ، ويكون غضبها مناسبة للنبش في بعض الأعراف البالية بالدشرة، النظرة الاحتقارية للمرأة، وتسلط بوعناب واستغلاله للدين،  وهي التي لا يحركها أي إحساس  تجاه ابن خالتها،  مما فجر نيران الحنين بدواخلها لمروان، لتعود للمدينة الساحلية لإتمام  الموسم الدراسي بتقديم مذكرة التخرج وهي ممزقة بين الرغبة في النجاح ، والرغبة الفشل لأن النجاح سيحكم عليها بالعودة للقبيلة (أتمنى الفشل لأستدين من الزمن جرعة من الحرية ) ويكون مروان أول من هنأها بالنجاح ، وفي إطار احتفالهما فاجأها مروان بخاتم خطوبة وطلب يدها للزواج، لينزل عليه كالصاعقة خبر ارتباطها برجل آخر ، فما أن قالت له(صار يفرقنا ميثاقا غليظا أكبر من إرادة البشر ... أنا على حافة الارتباط ...) حتى رمى الخاتم في وجها وغاب عنها أسبوعا  وتزداد لوعتها وتتصل به وتشرح له خصوصية أعراف قريتها وصعوبة النجاة من بطش بوعناب وسكان القرية في حال التمرد على قوانينها، ليتفقا على اللجوء إلى قبيلة (غريمة ) المناهضة لقبيلتها ، وتنفيذا للخطة المتفق عليها ، تتسلل سعدة في جنح الظلام قبل طلوع الفجر  بحجة زيارة قبر أمها ، لتلاقي مروان ويهربان، لكنها تفشل في مواصلة السير وترسل مروان إلى طلب المعونة من القبيلة الأخرى تقول له ( اذهب أنت وعد بوجهاء توارة يحملون المصحف الشريف فنحتكم إلى كتاب الله ونبطل حجة الشيخ وحسبنا كتاب الله ... لم يبق الكثير من الوقت هيا بسرعة..) ، وقبل عودة مروان تفاجأ بقدوم بوعناب وجنوده وقد بدا لها على حقيقته، حاسر الرأس، يتقدمهم والدها وقد ارتدى العمامة والطربوش بدل الشيخ، أسرعت  نحو أبيها واحتضنها وتكون نهاية الرواية مأساوية بأن يطعنها أبوها وتتهاوي أمامه ، بعدما تمسكت بطربوشه، على إيقاع استنكار الشباب والنساء قتلها (فتية آمنوا بربهم فزادهم ربهم هدى وزغاريد نساء طاهرات يرفضن أن يكن كلهن أمي أو كلهن غالية وهم سيثأرون  ليافا التي قتلت إجحافا)

واقع المرأة الجزائرية من خلال الرواية :
  إن الرواية على قصر مساحتها الورقية حبلى بالرسائل العميقة المتعلقة بواقع المرأة الجزائرية والعربية عامة، خاصة في القرى والمداشر، فالنهاية المأساوية للبطلة مطعونة من طرف والدها في أحضانه بعدما أمنت له تأكيد على سطوة الأعراف، وهمجية التقاليد الذكورية التي لا ترى في المرأة سوى رمزا للعار والخديعة، وتعتبرها عورة وتلطيخ للمقدس، تقول الساردة أن مجرد ( نطق اسم امرأة عندنا، يكاد يكون تلطيخا لجدار المقدس) 
تؤكد الرواية  تكريس المجتمع لدونية المرأة حتى صار عرفا جعل المرأة لا تذكر إلا تابعة لرجل ( عودونا على صيغ النداء التي تكون فيها المرأة تابعة لا أكثر :بنت فلان، زوجة فلان، أم فلان ..)  مما يجعلها اقرب لأن تكون (ملكية تتداول حصرا بين الرجال تبقى متنقلة من أحدهم إلى  الآخر ما دمنا بين ضفتي الوجود،  الأب الأخ ثم الزوج وأخير أولئك الذين ننجبهم ثم يتنكرون لأسمائنا ويخجلون بها )
من خلال الرواية تسعى الساردة للرد على مثل هذه النظرة الاحتقارية بأدلة دينية  من القرآن كذكر الله مريم بالاسم  ، أو من السنة بسرد عدد من الأخبار عن الرسول والصحابة يكرمون فيها المرأة .  لكنها تبقى كمعظم الروايات المعاصرة بنون النسوة همها الدفاع عن قضايا المرأة والانتقام  لبنات جنسها من بطش الرجل ، بكشف تسلطه وقهره للمرأة ، تجلى ذلك في الإقصاء المقصود للخطيب مراد الذي بدا في الرواية لا دور ولا موقف له من كل ما تفعل خطيبته، والأولى أن  يعبر عن موقفه من خيانتها  وهو الذي لم يخطئ في حقها بل كان في كثير من الحالات عونا لها وفي الحالات القليلة التي قدمته الرواية  قدم لخطيبته قنينة عطر، ووطلب منها الجلوس في المقعد الأمامي للسيارة وإن كانت الأعراف تحتم على المرأة الرجوع للخلف، فأغلقت عليه  الكاتبة كل النوافذ وظل مجرد شبح لتأثيث الفضاء السردي في مجتمع     
هضم حق المرأة في التعبير عن رأيها ورغبتها، واختيار شريك حياتها  ورسم طريق  مستقبلها.. والتسليم بسلطة الرجل المطلقة، يمثل دور الشرطي على المرأة وليس عبثا اختيار الأب والخطيب من سلك الشرطة والجيش ..  بل أن رغبة الساردة في الانتقام من الفكر الذكوري جعلها تفكر في العيش وحيدة دون رجال وهي التي تتساءل قائلة: ( ما حاجتنا للرجال، ما دام شرف القبيلة، بين أفخاذ نسائها، تحميه الخلاخل واالفؤوس). هذا الفكر الذكوري الذي يرى أنه من قلة الاحترام ( أن تضع المرأة نفسها في مستوى زوجها)  فمكانها دائما دون مكان الزوج فإن (كان في الأمام عادت هي للخلف ، إن جلس على الكرسي تفترش الحصير، وإن  اتخذ الحصير فرشا ليس لها ألا الأرض )

فمرتبة المرأة دائما دونية حتى ولو كانت ضحية أو معنفة ، هكذا  اعتبرت المرأة الغالية، التي  اختطفها أحد أبناء قبيلة توارة ، عارا على القبيلة ولا يجوز أن تصلح بعد ذلك زوجة (امرأة جلبت عارا ولعنة لا يجوز بعدها أن تبقى على عصمة أحد رجالنا) 
إن هذه النظرة التي كرستها الأعراف جعلت المرأة مهما بلغ تعليمها  لا شيء دون زوج لذلك وجدنا البطلة وهي الجامعية تحسد أختها الصغرى التي لم تكمل تعليمها وتقول لها ( فقد فعلت أنت ما لم أتمكن من فعله، تصغرينني سنا و لك زوج وابن وعائلة )

تطرح الرواية قضية فرعية متعلقة بالمرأة العربية  وهو تفضيلها الأجنبي على ابن جلدتها، من خلال ميل سعدة لمروان الشاب الفلسطيني على مراد ابن عائلتها، رغم صد مروان لها مقابل تعلق مراد بها، وتقديمه هدايا (خذي هذا لك أتمنى أن يعجبك !  عطر يشي مظهره بأنه فاخر)  في قمة الأدب يعتذر عن كل  فعل أو حركة تصدر منه، وأكثر من ذلك فهي تعترف بأنه يحبها لا يختلف في شيء عن كل أولئك الذين تصادفهم (فيتصرف مثلهم ، ويلبس مثلهم ويحبني أكثر من أي واحد منهم) مقابل ذلك لم  تكف الساردة نفسها لتصرح بسن مروان الفلسطيني ولم يستطع قارئ الرواية تكوين أي فكرة عن سنه وهيأته وملامحه أهو شاب في سنها ؟؟ ام كهل كبير عنها وهذا هو المرجح ، لأننا اعتدنا في دولنا العربية على أسناد مهام إدراة المتاحف لكبار السن ومن تم قد يكون أعجاب سعدة بمروان مجرد إعجاب فتاة طموحة بمثقف عالم بالعروض متذوق للشعر، ورغبة من شابة في التمرد على القيم والتقاليد  البالية أكثر منه حبا متبادلا بين عشيقين،خاصة وأن مروان لم يفتح لها قلبه رغم تعدد لقاءاتهما... 
نهاية مأساوية 
تميزت الرواية بطموح شبابي، سعدة الشابة تستعد لإنهاء مشوارها الدراسي،ويكون لقاؤها بالفلسطيني مروان سببا في سعيها نحو بتغيير الأوضاع بقريتها، والتمرد على قيم تحط من قيمة المرأة باسم الدين، وكان أمام  الكاتبة عدة نهايات محتملة،  لكنها اختارت نهاية مأساوية ، نهاية سينمائية مؤثرة، أن تسقطة البطلة قتيلة في حضن أبيها وبطعنة من الخلف ، طعنة غادرة  منه، 
 وهي نهاية رمزية مشحونة بالدلالات والمواقف يمكن ابراز بعضها في ما يلي  : 
1 -  رفض المجتمع الجزائري - وهو مجتمع بني أساسا على الثورة – أن يعلمه غيره كيف يثور، ففي اختفاء مروان، وقتل عشيقته رفض واضح للمسار الذي سلكاه، واعتبار التخطيط للثورة بمساعدة الأجنبي خيانة  يتصدى لها القريب (الأب) قبل تصدي الدولة بمؤسساتها
2 -  فشل تصدير الثورة الفلسطينية للشعوب العربية، ففشل مروان الفلسطيني في إنقاذ محبوبته التي اختار لها اسم يافا، يحتمل تفسيرا بفشل الثورة الفلسطينية في التأثير بالمجتمعات العربية 
3 – قتل سعدة أيضا يمكن أن يفسر انتقاما للشرف وهي ظاهرة مترسخة في المجتمع العربي خاصة المشرقي منه،   وكيف لا والقاتل ذكر من أسرة القتيلة ، ارتكب جريمته لأسباب تتعلق باختيارات القتيلة في الحياة، فكانت سعدة قربانا قدمه الأب للمجتمع التقليدي تلبية رغبة هذا المجتمع الذي يسيره بوعناب بهدف لجم وضبط سلوك النساء وجعل سعدة عبرة لكل من سولت لها نفسها الخروج عن نهج القبيلة واختيار شريك من غير جلدتها... لا غسل للعار إلا بالدم والقتل
4 – قتل سعدة بتلك الطريقة الوحشية قد يجد تفسيره أيضا في رغبة الكاتبة تكريس  استحالة التخلص من التقاليد  في مجتمع تقليدي،  وهي التي طالما كررت على لسان الساردة ثقل وجثم التقاليد على نفسية المرأة:، واقتناعها بأن تعليمها لن يغير في واقعها شيئا وهي القائلة (يقيني أن شهادتي لن تغير في مصيري إلا بقد ما غيرت دموع أبي عبد الله في تاريخ الأندلس) 
5 – قتل الأب لابنته بدم بارد  دليل على أن المجتمع العربي أبيسي السلطة المطلقة فيه للرجل، هو صاحب العقد والحل،  لكن الكاتبة لم تقطع حبل الأمل في تغيير هذا التفكير، فقد تركت النهاية مفتوحة على أمكانية التغيير، لكنه رهنت هذا الأفق بالأطفال والنساء، فقد جا في آخر فقرة في الرواية بعد قتل البطلة قول الساردة:( أطل على الغد الجميل، أطفال قادمون ... وزغاريد نساء طاهرات ...هم من سيثأرون ليافا التي قتلت إجحافا )
 ما يستنتج من رواية العمامة والطربوش ل"بن عزيزة صبرينة" أنه لا تخرج عن المسار العام الذي تسير فيه الرواية العربية المعاصرة من كتابة الكاتبة بضمير المتكلم ، وإبراز معاناة المرأة العربية من سطوة الرجل في مجتمع ذكوري يستعظم الرجل فيه بالفهم الخاطئ للدين، مثلها في ذلك مثل بعض الروايات التي صدرت حديثا في المغرب العربي كرواية (طريق الغرام ) لربيعة ريحان  وروايتي (مخالب المتعة) و( الملهمات)  لفاتحة مورشيد من المغرب  ورواية اكتشاف الشهوة  لفضيلة فاروق من الجزائر.. أو في المشرق العربي ، كرواية (زينة) لنوال السعداوي، وبنات الرياض لرجاء عبد الله الصانع من السعودية ورواية سلالم النهار لفوزية شويش و رواية سعار لبثنية العيسى من الكويت ... وهي روايات تصور المرأة ضحية، والرجل قاهر مغتصب لا يرحم ضعف المرأة، قد تكون وضعية المرأة كما تصورها هذه الروايات وضعية مزرية، لكن التصوير الروائي  في الأعمال النسوية مبالغ فيه، خاصة إذا نظرنا إلى واقعنا الذي توجد فيه المرأة والرجل معا مطحونين في واقع سياسي اقتصادي واجتماعي متشظي وإن كانت المرأة أكثر هشاشة ...   
ذ.الكبير الداديسي : انتظرونا في الجزء الثاني مع الرواية الجزائرية النسوية قريبا   
رواية العمامة والطربوش أو عندما تغتال التقاليد المرأة الجزائرية : ج1 .الكبير الداديسي رواية العمامة والطربوش أو عندما تغتال التقاليد المرأة الجزائرية : ج1 .الكبير الداديسي بواسطة Unknown on 4:10 ص القسم: 5

ليست هناك تعليقات: